رغم إصابته ، لم يسقط إيفان بل حاول الإفلات من رجال فيدوروف الّذين كانوا يلاحقونه .. وصل إلى نهاية زقاق و همّ بالسّقوط ، بيد أنّ سيّارة حمراء من نوع " بيجو " وقفت أمامه ، نزل زجاجها و إذ بجوليا خلف المقود تصيح به أن يعجّل في الرّكوب قبل أن يصل ملاحقوه .. ارتمى داخل السّيّارة و انطلقت جوليا تقود بسرعة جنونيّة و سرعان ما أغميَ على إيفان ..
فتح عينيه و إذ به يرى نفسه في غرفة ذات ستائر حمراء بها خزانة صغيرة و سرير كان هو ممدّدا عليه و كرسيّ هزّاز تجلس عليه جوليا قبالته تتفحّصه بعينين قلقتين ..
- ماء ، أريد ماء ! أشعر بعطش شديد
- حمدا للرّب على سلامتك يا إيفان ! طبيعيّ أن تشعر بالعطش فقد فقدت كمّيّة هامّة من الدّماء ..
- ما الّذي حدث ، جوليا ؟
- لايصحّ إفراطك في الحديث الآن ، يجب عليك أن ترتاح كي تستردّ عافيتك و يعوّض جسمك ما فقده من دم ..
- يجب أن تخبريني كلّ شيء ! وجودك هنا إلى جانبي فيه خطر عليك !!
- لا تقلق إيفان ، لا أحد يعلم أمر هذه الشّقّة ، نحن في أمان هنا ..
- طيّب ، كيف علمتِ بشأن وجودي في ساجة " البانثيون " ؟
- بعد أن جاءك ذاك الإتّصال ، لاحظت توتّرك فقرّرت أن أتعقّبك علّني أعلم ماذا تفعل هنا في باريس .. تبعت التّاكسي الّذي ركبته .. ثمّ بقيت في سيّارتي أتابعك من بعيد
قاطعها إيفان بصوت غاضب : " إذا رأيت ما حدث هناك ؟!! "
- نعم رأيت كلّ شيء ، الكمين و المجزرة و قتل ذاك الرّجل ذو الحلّة الشّيشانيّة ..
- أنت في خطر يا جوليا ! لقد أقحمت نفسك في قضيّة خطيرة جدّا ، و إيوائك لي يزيد من الخطر على حياتك !! يجب أن أرحل من هنا بسرعة !
همّ الفتى بالقيام من فراشه ، لكنّه أمسك كتفه متألّما و أطلق صرخة أنين و سقط رأسه على الوسادة .. قامت جوليا من على كرسيّها الهزّاز و جلست بجانبه ممسكة يديه بحنان ..
- لا تحاول التّحرّك يا إيفان ، جرحك لم يلتئم بعد ، من حسن الحظّ أنّي استطعت استخراج الرّصاصة من كتفك دون الحاجة للذّهاب للمشفى ( و قد كانت جوليا تدرس عامها الأخير في كلّيّة الطّب في باريس ) ..
- لماذا تساعدينني ؟؟؟ لماذا تلقين بنفسك في الخطر من أجلي و لم تتعرّفي عليّ إلّا منذ أيّام قليلة ؟؟؟
- لأنّني أحببتك !! و أنت أيضا أحببتني !
كان وقع كلام الفتاة شديدا على إيفان ، بنفس شدّة الرّصاصة الّتي اخترقت كتفه ، كلامها اخترق قلبه و استقرّ فيه .. رأى في عينيها الحبّ ، التّعلّق ، التّضحية ، و القضيّة .. لكن أيّ قضيّة ؟ هي فرنسيّة و هو شيشانيّ ، ما الرّابط بينهما ؟ رابط الحبّ جعل قضيّته هي ذات قضيّتها ، هنا في هذه الشّقة ولد الحبّ ، ولد بدماء إيفان و بدموع جوليا ، جوليا الّتي سترافق إيفان و ستحمل معه أعباءه و ستجهّز له بندقيّته ذات يوم ..
رفع يده السّليمة و مسح بأنامله دموع جوليا الّتي انهمرت على خدّيها الورديّين ، انحنت عليه و انتثر شعرها الطّويل على وجهه المصفرّ ، طبعت قبلة حارّة على جبينه، ثمّ وضعت رأسها على صدره ، و غفا الإثنان ..
.
.
.
يُتبع

ديما مبدع خوياا واصل..
RépondreSupprimerمشوقة جداً..
شكرا صديقي الغالي , على فكرة اشتقت إليك كثيرا ..
Supprimer